تأثير النجوم في انتخابات الأندية- بين الولاء للفريق والانحياز العاطفي

المؤلف: فراس طرابلسي08.26.2025
تأثير النجوم في انتخابات الأندية- بين الولاء للفريق والانحياز العاطفي

في فضاء الرياضة، لا جدال في أن للميدان وقاره، وللانتخابات مقاييسها وقوانينها التي تصون النزاهة.

ولكن عندما يمتزج الأداء المهارى بالتوجيه الوجداني، يضطرب الميزان الذي تقوم عليه العدالة المؤسسية داخل أروقة الأندية، وتتعرض مصداقيتها للخطر.

ليس كل تلميح بالضرورة يشكل مخالفة صريحة.. بيد أن ليس كل إيماءة تخلو من المقصدية أيضاً، فبعض الإشارات تحمل دلالات خفية.

لا سيما حينما ينم ذلك عن لاعب ما زال يتربع على عرش النجومية، ويحظى بتأثير شعبي جارف، ويرسل إشارة واضحة في ظرف زمني مشحون بالحساسية، وتشي بنبرة أقرب إلى ما يقال في أعقاب النزال لا في منعطف الاقتراع.

إن ما يدفع إلى إثارة هذا الأمر هو ما جرى أخيراً، حين أقدم أحد اللاعبين المرموقين، ممن لا يزالون يشكلون الركيزة الأساسية للفريق، على بث رسالة جهارية في يوم انتخابي مفتوح، تنطوي على تأييد سافر لأحد المتنافسين، بأسلوب فيه من الرمزية ما يكفي، لكنه جلي في مغزاه وتوقيته.

وعلى الرغم من أن اللاعب لم يفصح عن مساندته على نحو رسمي، إلا أن نشر صورة فوتوغرافية رسمية برفقة المرشح وإحياء ذكرى علاقة "النشأة الموحدة"، في برهة حرجة، لا يسعنا اعتباره سلوكاً محايداً أو عابراً، بل يحمل في طياته دعماً ضمنياً.

ومما زاد الطين بلة أن المرشح نفسه سارع إلى التجاوب مع ذلك علانية، مما قلب العلاقة الخاصة إلى شعار انتخابي فج في توقيت حرج، وأثار استياء الكثيرين.

صحيح أن اللاعب يشكل عنصراً محورياً في قوام الفريق، لكن هذا لا يمنحه الحق في التأثير على المسار الإداري، ولا يضعه في موضع يخول له جهاراً أو همساً أن يرجح كفة طرف على آخر، لا سيما حين تكون العملية الانتخابية مستمرة، ومتاحة أمام جمهور الناخبين تحت إشراف لجنة رسمية.

إننا هنا لا نتحدث عن تغريدة طائشة، بل عن فارق معنوي مجحف، يتبلور حين يستشعر أحد المرشحين أن أصوات النجوم قد آلت إليه، ليس من منطلق الحب الشخصي، بل من منطلق التأثير الجماهيري على الأنصار، لا سيما المستجدين أو المترددين منهم.

اللاعب الذي يغرد خلال الحملات الانتخابية، ويعرب عن صلاته الوثيقة مع أحد المرشحين، قد لا يخرق النظام بالضرورة.. غير أنه يزعزع ثقة الجماهير في الاستقلالية والحياد، ويشوب العملية الانتخابية بالتحيز.

والمرشح الذي يتقبل ذلك ويعيد نشره على نطاق واسع، يحول المنافسة إلى مشهد عاطفي لا يخضع لمنطق العقل، ويفقدها جوهرها الديمقراطي.

إن من صميم واجبنا اليوم أن نعيد ترسيم الحدود المحظورة:

اللاعب حين يوقع عقداً احترافياً، فإنه يسلم ولاءه وإخلاصه للفريق، لا للأفراد بصفتهم الشخصية.

وحينما يمر الفريق بمرحلة انتخابية، فإن موقع اللاعب الطبيعي هو الوقوف على الحياد التام، لا على هامش الأحداث، ولا على منصة الدعاية.

ومن أراد أن ينخرط في غمار المعركة الانتخابية، فليضع قميص الفريق جانباً، ويتخلى عن موقعه كلاعب.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة